5/12/2011

الرجل الذى قتل زوجته

اقترب من الجثة بخطوات مرتعشة و هو ينظر الى الأرض....
انتابته مشاعر لا يعرف كنهها و لم يسبق لها أن انتابته من قبل كان خائفاً للغاية و يرغب فى العودة من حيث أتى و لكن عليه أن يستمر حتى يصل الى الجثة و يتعرف عليها...
وصل الى الجثة و قدماه لا تقويان على حمله...اقترب عامل المشرحة من الجثة و كشف عنها الغطاء...استعاد شريط ذكرياته معها منذ البداية....لقد التقيا للمرة الأولى  منذ عدة سنوات فى حفل موسيقى لفريقه المفضل الذى اكتشف فيما بعد أنه فريقها المفضل ايضاً
هل حقاً كانت المرة الأولى أم انهما كما قال منير ( ولا التقينا من زمان...مولودة جوايا من زمان ...) ...مر التعارف سلساً فكلاهما شعر أنه يعرف الاخر من قبل و أنهما ليسا بغرباء عن بعضهما...استمرت صداقتهما شهوراً وسرعان ما اكتشفا أنهما متشابهان الى حد التطابق فى كل شىء تقريباً ...كان يفاجىء بها تقول ما يريد أن يقوله و يباغتها هو بالابتسام على ما كانت تريد الابتسام من أجله....
اختلفت حياتهما منذ أن عرف كلاهما الاخر و لم تمر السنة الا و كان فى يمين كل منهما دائرة فضية تعبر عن القيد ..
مرت أيام خطوبتهما سريعاً بلا خلاف واحد فلا يوجد ما يدعو للخلاف فهما متفقان فى كل شىء كما أسلفت و سرعان ما انتقل القيد الفضى الى اليد اليسرى ...
بعد شهر عسل أكثر من رائع بدأت الحياة تعود الى وتيرتها الرتيبة بلا جديد تقريباً و من هنا فقط أستطيع أن ابدأ الحكاية..
اصبحت غريبة الأطوار مؤخراً ...استقالت من عملها بلا مبرر و أصبحت تقضى ساعات الليل كلها فى القراءة فى غرفة المكتب ..تقرأ كتباً غريبة لا يفهم معناها و لا اللغة التى كتبت بها... اما هو فلا يستطيع أن يسهر مثلها فهو ما زال مرتبط بعمل فى كل صباح..أكد لنفسه فى البداية انها فترة و ستعود الى ما كانت عليه...و لكنها كانت قد دخلت فى طريق اللا عودة تقريباُ ..كم من مرة حاول فيها أن يتكلم معها أو ينهرها  و لكن شيئاً ما فى عينيها كان يجبره على التوقف...
لم تعد هى ذات الكائن الرقيق الذى تزوجه منذ شهور..هى امراءة ممسوسة او مسحورة او شىء من هذا القبيل ..أصبح يخشاها و يخشى مجرد الاقتراب منها ..استحالت حياته الى جحيم حقيقى و عزم على أن يطلقها و لكنه كان خائفاً ايضاً من هذا ..
تتوقف الأفكار قليلاً و يعود الى منظر جثتها البشع...(ايوه هى ...) يقول هذة الكلمات و يدير وجهه فيغلق عامل المشرحة الثلاجة و يصطحبه وكيل النيابة الى الخارج...
يسير مع وكيل النيابة من أجل انهاء المحضر و فى طريق العودة الى المنزل يستكمل الذكريات....هذة السيدة خطر و لابد أن يتخلص منها انه يسمع صوتها فى الساعات المتأخرة من الليل ؟ هل هو صوتها حقاً أم انه صوت شيطانى ينتمى لعالم اخر غير عالمنا ..
تتغير نظراته اليه و طريقتها معه ..انها تعامله بحدة و هو حقاً أصبح يخشاها..و يعقد العزم على قتلها و يبدأ التنفيذ..
تعود هى من التسوق بسيارتها عن طريق الطريق الدائرى...حسناً سينزع الفرامل من سيارتها ليتركها تموت فى حادث سير عادى و سأخذ بطاقة هويتها و يبلغ عن اختفائها حتى يبدو الأمر عادياًُ ...
نفذ الخطة على أكمل و أجمل وجه – ان جاز التعبير- و عندما استدعوه لم يمثل الانهيار و لكنه كان منهاراً فعلاً و غير قادر على التماسك لأنه حقاً يحبها من كل قلبه....ياااااه الان فقط يستطيع أن يبدأ حياته من جديد بعد التخلص من هذة الشيطانة ...
 يعود الى المنزل و يدخل  الى غرفة المكتب فيجد شبحها يقرأ فى نفس الكتب المسحورة اللعينة....
اللعنة سيسلم نفسه الى الشرطة ليقضى على هذا العذاب...
يركب سيارته و يقود بسرعة جنونية و لكنه يجدها تجلس الى جواره تقرأ فى نفس الكتب ....يفلت مقود القيادة منه ...فنتقلب السيارة و تستقر على جانب الطريق....

فى النيابة يجلس وكيل النيابة مع زميل له و يقول ( حاجة غريبة اوى ..ده مراته لسه ميتة فى حادثة عربية على نفس الطريق تقريباً دى لعنة ولا ايه ..)
( تفتكر الموضوع مدبر و مش حادث ؟؟)
( يعنى معيدة فى كلية الطب و بتحضر دكتوراة و حياتها كلها علم...و جوزها مدير تسويق فى بنك كبير مين ممكن يكونو اعدائهم ؟؟؟ )
(معرفش بس انا حاعتبر الموضوع جنائى الا أن يثبت العكس)

و بعد أيام أرسل الطبيب الشرعى تقريره و كتب وكيل النيابة الاتى
( بعد تشريح الجثتين و معاينة شقة المتوفيين و بسؤال الجيران ثبت لنا أن الرجل كان يتعاطى العقار ال.اس.دى ( عقار الهلوسة) بصفة منتظمة منذ عدة أشهر مما أدى الى فصله من عمله فى البنك و لكنه استمر فى النزول كل صباح و العودة فى نفس الميعاد و التظاهر بأنه ما زال يعمل و أجمع كل الجيران أن زوجته رفضت التخلى عنه فى محنته و حاولت شغل نفسها بالتحضير للدكتوراة و مساعدته فى التخلص من ادمان هذا العقار و لكنه كان قد وصل الى مرحلة اللا عودة )

**************************************************

No comments:

Post a Comment