5/25/2011

من انا او الغرفة

أفتح عيناى منزعجاً من الضوء المباغت .. ...أشعر بمطارق كثيرة تهوى داخل رأسى ...رأسى تكاد تتمزق من الألم الشديد...لا زالت عيناى شبه مغلقتان من أثر الضوء...أجلس على حافة السرير محاولاً أن أفيق و أن أفتح عيناى ...
عندها يظهر السؤال الأول ...أين أنا ؟؟أتأمل المكان باندهاش....انه خالى تماماً الا من السرير الذى أجلس عليه و مراة كبيرة فى نهاية الغرفة من الجهة المقابلة ...السقف عال و بعيد للغاية...باب الغرفة ايضاُ يقع فى نفس مستوى نظرى الأفقى مع الانحراف لليسار قليلاً ....استدرت لليمين فوجدت مكتبة كبيرة ممتلئة بالكتب ...و لا يوجد اى اثاث بالغرفة الا السرير و المكتبة  والمراة ..أرضية الغرفة من السيراميك الأبيض..اما السقف فهو أسود اللون.....أين رأيت هذة الغرفة من قبل ؟ انها تبدو مألوفة ..قد تكون غرفة بمنزل أحد أقاربى او أصدقائى و لكن من المؤكد أنها ليست غرفتى أنا ..
هنا يبرز السؤال الثانى : من انا ؟؟ ...هل أصبت بال(الزهايمر) ..لماذا لا أذكر اى شىء ..لا أذكر اسمى ..لا أذكر عمرى ..لا أذكر اى شىء عن ما سبق من حياتى التى عشتها..من المؤكد أننى لم أخلق حالاً و أننى أملك حياة سابقة و لكن لماذا لا أتذكرها؟ ...أعتصر ذهنى محاولاً الوصول لاجابة عن السؤال و لكن الأمر يبدو مستحيلاً فالمحاولة لم تسفر الا عن مزيد من الصداع لرأسى المسكين فأتوقف عن التفكير رحمة به...
أقوم من مكانى و أتجه الى المراة و أنظر اليها بلهفة محاولاً الوصول للحقيقة..أنظر لنفسى ...أبدو مألوفاً لنفسى و لكن ليس لدرجة أن أكون أنا  ...هذا الشكل ..تلك العينان.. و لكن ماذا عن تلك الخصلات البيضاء التى تظهر فى شعرى ...يبدو اننى أكبر مما كنت أتصور ...أنظر للمراة طويلاً ....اذكر اننى قرأت فى مكان ما ووقت ما عن قصة لمراة يسكنها الشيطان كما أذكر اننى شاهدت فيلماً يتحدث ايضاُ عن مرايا مسكونة ...أتذكر القصة والفيلم فأعجب اننى أذكرهما و لا أذكر اسمى او أى تفاصيل عنى  ... دائماً ما كنت أخشى المرايا...طالما مرت بى هواجس عن ما تفعله صورنا فى المراة عندما نتركها و نستدير..هل تنظر الينا فى غل ؟ هل تبصق علينا ؟ هل تظل  صورنا قابعة فى مكانها كما يحدث فى أفلام الرعب ؟ ام انها تستدير عائدة الى داخل المراة بانتظار ظهورنا مرة أخرى ..المراة كائن مرعب لا شك فى هذا ...
بعد أن اطلت النظر الى المراة أكتشفت أنه لا يوجد جديد..لا زالت عاجزاً عن تذكر اى شىء ...أنظر الى الباب و هنا يظهر السؤال الثالث ..لماذا لا أحاول الخروج ؟ ..أفكر فى الخروج ثم أتراجع خائفاً ..خائفاً من ماذا ؟ لا أدرى و لكن من المؤكد أن شراً ما كامناً وراء هذا الباب ؟ قد يكون الباب مطلاً على نهر الأمازون مباشرة فأفتحه لأجد فكى تمساح عملاق و أكون وجبته السعيدة او قد يكون الباب قابعاً بأعماق بركان كبير ما أن أفتحه حتى ينفجر فى وجهى و ربما الباب موجود فى عرض المحيط فاذا فتحته التهمتنى أسماك القرش العملاقة و من الجائز ايضاً أن الباب مطل على وكر من أوكار المافيا فيصفون جسدى برصاصهم كما كانوا يفعلون فى الأفلام ...حسناً ..الاستنتاج هو أن ما وراء الباب غير امن بالمرة ..
أقف لا أدرى ماذا أفعل و تتملكنى الحيرة و أشعر بالرغبة فى البكاء فأجلس أرضاً و أدفن رأسى بين يداى و أبكى بحرقة ..أرفع رأسى و أنظر الى سقف الغرفة و الدموع تملأ عيناى...انه بعيد جداً و لا أذكر أننى قد صادفت سقفاً بمثل هذا البعد من قبل ..كما أنه من الغريب أن يكون لون السقف أسود!! ....ماذا عساى فاعل الان ؟؟ ألمح نافذة عالية فى الركن ...انها المرة الأولى التى أرى فيها هذة النافذة لأنها كانت تقع خلفى مباشرة أثناء جلوسى على السرير و لذلك لم أتمكن من رؤيتها من قبل..انها عالية جداً و لكننى أرغب فى الوصول اليها...أريد أن أعرف ماذا يوجد بالخارج و هى وسيلتى الوحيدة لذلك ...كما أن هناك احتمال أن أكون فى دور أرضى فأستطيع الخروج منها بسلام دون مواجهة أهوال ما وراء الباب ....أقف مفكراً فى طريقة للوصول للنافذة العالية و أسمع صدى أغنية يتردد فى أذنى ...أكاد أقسم بالله أننى لم أسمع هذة الأغنية من قبل.. كلماتها غريبة و لحنها ايضاً ...أتعجب بشدة من تردد صدى تلك الأغنية ...فهى ليست من نوع الأغانى التى أحب...حسناً ..يبدو أننى بحاجة لتدوين اكتشافاتى عن نفسى من حين لاخر ....من الواضح انى صاحب ذوق جيد فى الموسيقى-على الأقل بالنسبة لى- فلم تستهوينى كلمات و لا ألحان تلك الأغنية الرديئة التى لا زالت لا أعرف أين سمعتها و لا لماذا ترن هى فى أذنى دوناً عن بقية الأغانى التى أحبها..
أعتقد أن الوقت ليس مناسباً لتذكر الأغانى التى أحبها الان و على أن أفكر فى طريقة للخروج من الغرفة أو على الأقل الان طريقة للوصول للنافذة ...أحاول سحب السرير الى حيث النافذة ...يتحرك بصعوبة و لكنه يتحرك ...أواصل المحاولة حتى يصبح السرير تحت النافذة مباشرة ....أٌقف عليه و أرفع قدماى ...تباً لا زالت النافذة عالية و لا أستطيع أن أصل لها ....أصاب باليأس بعد هذا المجهود المبذول بلا نتيجة و أجلس على السرير مرة أخرى..أفكر.... ...المكتبة ؟؟
لماذا لا أزور المكتبة ؟ قد تفيدنى بشىء ما..من المؤكد أنها ستفعل ...فأنا أحب القراءة جداً و أعتبر أن من لا يقرأ كثيراً ينقصه الكثير ...اضافة جديدة أعرفها عن نفسى الان ...
أتجه الى المكتبة متفائلاً ...اجد الكثير من الكتب مختلفة الأشكال و الأحجام ..من روايات الجيب الى المجلدات و لكن الأغلبية من الحجم المتوسط و لكن الغريب أن كلها بلا عنوان ..عجيبة ؟ أفتح أحد الكتب فأجد صفحاته بيضاء كلها بلا كتابة أعيده الى مكانه و أمسك باخر...نفس الشىء..ابدأ فى القاء الكتب بعصبية ..كل الكتب بلا كتابة..ان الكتابة قد مسحت ...من قال لى أن الكتابة قد مسحت ؟ أنا متأكد أن هذة الكتب كانت تحتوى كلام و معرفة و علوم و هناك من طمسها عمداً فصارت صفحات بيضاء....
الصداع صار أضعافاً مضاعفة و الأمور أصبحت أكثر تعقيداُ ..المراة غير مفيدة فهى لا تذكرنى بشىء كما أننى أكره شكلى بهاو أشعر أنه ليس شكلى و أكره خصلات الشعر البيضاء..
النافذة عالية جداً و لا أستطيع أن أصل لها ...السرير هو ما بدأت رحلتى فى الغرفة منه و لكنه يبدو لى غير مفيد....المكتبة صارت ديكوراً جميلاً و لكنها ايضاً غير مفيدة بالمرة و لا أستطيع أن أحصل منها على شىء...
اذا..لا حلول ...لا مفر ...لابد من أن أواجه ما أو من وراء الباب الا اذا أردت أن أقضى ما تبقى من عمرى داخل هذة الغرفة ...
تنبهى يا تماسيح الأمازون ....استعدى يا أسماك القرش...خذوا حذركم يا عصابات المافيا ...لن أخشى أمواج أو براكين وسأخرج ...
اتخذت قرارى و توكلت على الله و فتحت باب الغرفة و خطوت خطوتى الأولى خارجاً منها .....

No comments:

Post a Comment