5/21/2011

الفصل الأول من رواية القناع

المقدمة
هل يرتدى كل منا قناعاً يدارى به وجهه الحقيقى؟
هل يستطيع الواحد منا خلع قناعه أو ارتدائه وقتما يشاء؟
هل هذا القناع هو شخصيتنا الحقيقية أم أن ما تحت القناع هو شخصيتنا الحقيقية أم أن كلاهما معاً يكونا الشخصية؟
هل لكل منا قناعه الخاص به أم أنه توجد (اصطمبات) من الأقنعة مثل قناع الدين, قناع السلطة, قناع النجاح و قناع الثقافة؟
لن يستطيع أحد أن يجيب على هذة الأسئلة و لا أنا , أنا فقط سأطرحها و أترك لكم اكتشاف الاجابة و تحديد قناعه الخاص و من لا يملك اي أقنعة فسأذهب اليه بنفسى لأهنئه فمما لا شك فيه أنى أعرف مكانه الان.















الفصل الأول
ميلودى أفلام
روتانا سينما
بانوراما دراما
نايل دراما ..... استقر ريموت الكنترول فى يد الممرضة الشابة على هذة القناة التى تعرض مسلسلاً تركياً لا يقل سخافة عن نظرائه فى مصر أو فى تركيا.
نفخ " مروان " دخان سيجارته العاشرة و نظر الى ساعته فوجدها الحادية عشرة مساءاً , أطلق فى سره سبة بذئية مكونة من ثلاث حروف و نادى الممرضة التى انهمكت بكل حواسها مع المسلسل التركى:" لو سمحتى يا انسة ممكن تقولى للدكتور ان انا قاعد بره اصل أنا متأكد أنه نسى, انا بقالى يييجى ساعتين و شوية "
" لحظة واحدة يا كابتن بس حادخلو فى الفاصل "
انتظر حتى الفاصل و ذكرها مرة أخرى بوجوده فمسحت الدموع التى انهمرت على وجنتيها من المشهد الأخير و دخلت لتخبر الدكتور بوصول أحد مندوبى المبيعات فى الخارج.
فى الواحدة الا ثلث صباحاً كان وليد يجلس أمام الدكتور و ابتسم محاولاً تملق الدكتور : "مساء الخير يا دكتور"
"أيوه يابنى اتفضل بسرعة أنا معنديش وقت "
" أنا معايا لحضرتك ....." قاطعه الدكتور: "سيب كل اللى عندك و أنا حاشوف كله و عدى عليا بعد أسبوع اديك تمنه لو عجبنى , مع السلامة.."
قام مروان مصافحاً الدكتور و خرج متجهاً الى سيارته و أشعل سيجارة جديدة و تساءل بينه و بين نفسه هل هذا ما كان يحلم به عندما كان طالباً فى الصيدلة ؟ أن يمر على العيادات يتسول من الأطباء أن يشترون من بضاعته مثله مثل تاجر شنطة و لكن بالمفهوم الحديث.
هز رأسه و تخيل أحلامه أيام الدراسة كان يحلم أن يعمل فى مصنع أدوية ليركب الأدوية و أن يكتشف تركيبة  دواء جديد فى كل عام ثم ارتطم بالواقع فلا يوجد دواء يركب أو يصنع فى مصر و انما فقط توكيلات لأدوية يتم استيرادها و بيعها أو- على أحسن الظروف- تعبئتها فى مصر و أدرك الحقيقة المفجعة أن بعض دول العالم من الممكن أن تعمل على ايقاف  توريد الدواء الى مصر وقتما تشاء ليموت كل المرضى فى ربوع البلاد بلا علاج.
اتجه بسيارته الى القهوة القريبة من منزله ليلتقى مع من تبقى فى مصر من اصدقائه الذين سافر معظمهم الى الخارج لشراء المال مقابل سنوات شبابهم.
سحب كرسياً و جلس الى جوار اصدقاءه دون سلام.
" ايه يا دوك ؟ ما بعتش ف ولا زيارة ولا ايه ؟ " سأله أحد الأصدقاء
" بعت يا اخويا بس مفيش كاشات ....دكاترة بنت مرة ..الناس بتوع قطر كلموك و لا لسه؟.."
" ايه ؟ شاورت عقلك و قررت تجرب حظك بره ؟ "
" لا يا عم أنا بس باطمن عليك...هات شاى بالنعناع يا ياسر بسرعة علشان قايم "
" قايم على فين يا عم , هو انت لسه قعدت ؟؟"
" أم ديه قاعدة بقى , قاعدينها من و احنا فى ثانوى , زودتلنا ايه يعنى ؟ بالعكس دى خدت مننا ..."
" بيقولك بركات مش حيلحق ماتش الاسماعيلى "
" امال حيبدأ بمين مكانه بقى ؟؟"
                          ************************
" يا جماعة لازم نفكر ندى مجتمعنا و نفيد ديننا فى نفس الوقت ..هى دى الخلاصة يا جماعة انما نعمل ايه يا اخواننا ...حاقولكوا نعمل ايه بس بعد الفاصل ...."
ضغطت ايناس زر كاتم الصوت ريثما ينتهى الفاصل و فتحت غطاء اللاب توب الموارب ثم فتحت صفحة الفيس بوك الخاصة بها و التى تستخدم فيها اسم " دينا " و صورة لا تمت لها بصلة و انما هى صورة موديل غير معروفة على الاطلاق. وجدت العديد من طلبات الاضافة الى صفحتها الخاصة و لكنها اختارت بعض الأشخاص الذين اعجبوها ووافقت على اضافتهم, فتحت صندوق الرسائل الخاص بها و قرأت الرسائل الواردة اليها من الشباب-بل و الرجال- و معظمها يتحدث عن جمالها الذى هو جمال الموديل التى تستخدم صورتها و تطور بعض ذوى الجرأة الى الحديث عن رغبتهم فى اقامة علاقة جسدية معها و شطح خيال البعض الاخر طالباً الزواج منها.
سرحت بخواطرها أمام الشاشتين و تذكرت أيام الكلية عندما كانت تحلم بأن تملأ بيتها سعادة و استقرار مع زوجها الرومانسى الحنون الذى سيعوضها عن كل ما مرت به فى حياتها من شجن – مع أنها لم تكن قد مرت بأى شجن فى حياتها بعد – و مرت السنون و ها هى تقترب من التاسعة و العشرين بلا زوج , نعم رفضت الكثيرين من المتقدمين لها فهى كانت تحلم بالزواج عن حب و منذ ثلاثة أعوام قررت أن تتنازل عن فكرة الزواج عن حب و أن توافق على عريس مناسب مادياً و ملتزم دينياً و لكن من جاءوا بعد السادسة و العشرين أقل – عدداً و جودةً- ممن جاءوا قبل السادسة و العشرين.
و ها هو عام كامل يمر منذ أن قرر اخر عريس التقدم لخطبتها و رفضته لأنه لا يناسب  طموحاتها و هى تعلم كل العلم أنه لو جاء الان لوافقت عليه بلا تردد , نعم فهى بحاجة الى رجل ليس نفسياً من المقام الأول و انما جسديا", فجسدها مستعر من نار الشهوة و يطلب رجلاً كما يطلب الظمان ماءاً أو يطلب الخرمان سيجارة و هى فتاة ملتزمة لن تسمح أبداً لرجل أن يلمسها الا زوجها.
قامت من مكانها و أغلقت باب غرقتها بالمفتاح ووقفت أمام المراة تنظر الى جسدها الفاتن فى المراة و حدثت نفسها قائلة:" يا بختك ياللى حتتجوزنى والهى...دا انت حتاخد حنان و دفا منى عمرك ما شفته مهما كان اللى شفته ...بس انت فين ؟ انت فين ؟؟؟اه ه ه ه "...... ووجدت الفاصل قد انتهى فاستغفرت ربها و شغلت صوت التليفزيون
" السلام عليكم, رجعتلكم مرة تانية حاقولوكوا ازاى تفيدوا المجتمع و تخدموا دينكوا فى نفس الوقت ....نمرة واحد ...... "
                                ***************************
 " مش ممكن يا جماعة اللى احنا بنعانى منه ده ...يعنى ايه كيلو اللحمة ب 75 جنيه و كيلو الجبنة الرومى ب 60 جنيه و قزازة الزيت ب 18 جنيه و رغيف الجيش بربع جنيه ده لو موجود اساساً , امال الناس تاكل منين يعنى , انا عايز رد من حد من الحكومة على التساؤلات ديه كلها؟؟ فاصل و ارجعلكوا اما نشوف اخرتها "
cuuuuuuuuuuuuuuut

"هايل يا أستاذ . برافو دخلة الحلقة هايلة , زمان الموبايلات كلها بترن دلوقتى و الناس بتقول لبعضيها افتحوا اتفرجوا على باسم سمير و هو بيقطع فى الحكومة "
" ميرسى يا هانا , انا عايز الكادر نصين نص عليا و نص على الفيديو بتاع طابور العيش اللى صورناه و ياللا يا مزة بقى علشان أجهز علشان الهوا "
خرجت هانا من الاستوديووتوجهت الى استراحة الضيوف و صافحت ليلى الراقصة المعتزلة التى جلست تدخن فى انتظار فقرتها مع باسم فى حلقة الليلة من برنامج التاك شو الذى أصبح مؤخراً رقم واحد على مستوى الوطن العربى.
" منورة الاستوديو يا مدام ليلى "
" ميرسى يا حبيبتى , انتى شكلك مزة اوى انهاردة "
" ده بس من ذوقك يا روحى "
" انا قدامى قد ايه يا قمر و اطلع "
" بالكتير نص ساعة حابعتلك بتوع الماكياج حالاً , بعد اذنك "
" اتفضلى يا حبيبتى "  
جلست ليلى تتابع باسم و هو يسأل السيد الوزير اسئلة كثيرة حول ارتفاع الأسعار و أبدى تعاطفاً غير مسبوق مع معاناة الشعب من الأسعار و بعد أن أغلق السيد الوزير الخط استمر باسم فى انفعاله على الأوضاع فى مصر و أغفل أن تلك الأوضاع هى السبب الأول فى شهرته و ثراؤه اللا محدود.
و خارج الاستوديو المباشر جلست ليلى تدخن سيجارة  جديدة و أمسكت بتليفونها المحمول و طلبت احدى صديقاتها " الو ...انت نايمة يا وسخة انتى ,انا مش قايلالك اتفرجى عليا و سجلى الحلقة "
" ايوة ..انا مش نايمة انا منتأخة شوية بس ..انتى متلعتيش ليه ؟؟ "
" طالعة كمان نصايا كده ,بصى الدكر ده عامل ازاى ,يا لهوى عليه ,انا عايزاه يا صافى "
" يووووه ما تفوكيكى منه بقه , كل مصادرى بتقول أنه ملوش فى النسوان "
" هو أنا زى كل النسوان يا وسخة و لا ايه ؟و بعدين أم مصادرك ديه بقى اللى جايبانا ورا,افتحى اتفرجى على الحلقة و قوليلى ايه النظام و حاكلمك لما اخلص "
" قشطة , ياللا باى "
أغلقت الخط و تابعت باسم و هو يقول " بعد الفاصل اللى جاى ده معانا نجمة وحشتنا اوى ووحشتنى أنا شخصياً , مش حاقولوكوا هى مين الا لما نرجع , بس خاليكوا معانا ...."
                                         *****************
"ايه يا وليد ..فى ايه...انا باكلمك بقالى كتيير مش بترد عليا ليه ...اسمعنى عايزة اقولك على حاجة ...انا مسافرة 3 ايام دبى تبع الشغل ....من بكره ...عايز حاجة من هناك ..يعنى ايه..مش كل سفرية بقى تقرفنى أنا فيا اللى مكفينى و بعدين دى مش فسحة ده شغل و مينفعش ماروحش ....ابقى روح اقعد عند مامتك لو مش عايز تقعد لوحدك...نتكلم بعدين؟؟ماشى......باى "
أغلقت راندا الخط و انطلقت بسيارتها خارجة من القرية الذكية و متجهة الى منزلها بالسادس من أكتوبر و ما لبثت أن أخرجت هاتفها مرة أخرى و طلبت رقم شيرى او شيريهان الجرجاوى انتيمتها : " الو ...هاى يا شيرى ..."
" هاى يا دودو ..مال صوتك ؟؟"
" مفيش ...حضرة الضابط منكد عليا كالعادة..عندى سفرية كده مع الشغل و عايز يعمل فيها ضابط بقى بس فاكس أوى ...."
" ما تييجى نخرج بلييل نسهر فى اى حتة و تحكيلى بالتفصيل "
 بس قولى للواد أيمن اللى جه معانا السخنة الشهر اللى فات , فاكراه ه ه ؟؟ peace “
" يا بت اتلمى انت مش متجوزة؟ "
" لأ بلييز ماتفهميش كده, انا بس عايزة نبقى فريندز مش أكتر ..."
" حارتب و اكلمك , بااااااى "
أغلقت راندا الخط و سرحت بخواطرها و رجعت 6 أعوام للخلف عندما شاهدت وليد الفولى  لأول مرة فى فرح احدى صديقاتها و أبهرها بجسده الرياضى وثقته بالنفس و ازداد انبهارها عندما علمت أنه ضابط شرطة  و كذلك هى سحرته ببشرتها البيضاء و شعرها الأشقر و فستانها الذى كشف عن معظم تفاصيل جسدها و ازداد سحره عندما علم انها بنت ( سيد الطوبى ) رجل الأعمال المعروف.
لم تستغرق علاقتهما أكثر من ستة أشهر و تزوجا سريعاً و بدأت خلافتهما سريعاً كذلك فوليد مخلص جداً فى عمله و يعشقه كما يعشق الطفل الرضيع أمه و كذلك راندا التى وصلت باجتهادها و تفانيها فى العمل الى منصب مديرة للموارد البشرية باحدى شركات المحمول الكبرى و هى التى لم تبلغ الثلاثين الا من شهور معدودة و هما لا يلتقيان فى المنزل الا قليلاً و لم يرزقا بعد بالأطفال لسبب لا يعلمه الا الله عز و جل مما ساهم فى رفع درجة التوتر بينهما.
و حدثت راندا نفسها " هو بيعمل عليا ضابط ليه ؟ مع انه أول ما عرفته و ايام الخطوبة كان رومانسى و كان حاجة تانية خالص!! أنا لولا منظرى و كلمة مطلقة أنا كنت فكيت منه , ده منظر على الفاضى "
وفى مديرية أمن الجيزة و بعد أن انهى الرائد وليد المكالمة الهاتفية مع زوجته أشعل سيجارة و أخذ يمر على قوائم الأسماء بهاتفه المحمول ثم القاه بعيداً على المكتب و شرد بذهنه سارحاً فى راندا الفتاة الفاتنة التى عرفها منذ أعوام و  كاد أن يجن من أجل أن ينالها زوجة له فهى جميلة و مثقفة و ناجحة و فوق كل ذلك فهى بنت سيد الطوبى و السلطة تعشق المال و العكس صحيح , دارت كل هذة الأفكار فى ذهنه فحدث نفسه : " أنا ايه اللى خالانى اتجوزها ؟؟ ديه ماتعرفش يعنى ايه لا بيت و لا راجل , كل اللى فى دماغها شغلها و سفرياتها و أنا اخر حاجة , مزة , ايه يعنى ,بعد شهرين جواز مابقتش مزة بقت عادية , بنت ناس و ماله ؟؟ما كل الناس ولاد ناس؟؟ ياااااااه .....نفسى أخلص منك يا راندا نفسى ..."
انقطع حبل أفكاره على صوت أمين شرطة " وليد بيه ...الحملة جاهزة يا فندم ..."
" طب ياللا يا روح أمك اجرى شوية هات القوة و اسبقنى على تحت ......اخلللللللللص .........."
                                           ******************

 "ربنا يباركلنا فى سيادتك يا فندم ...طبعاً معاليك ...كل أوامر سيادتك تتنفذ ...فى رعاية الله معاليك ...مع ألف سلامة يا فندم...... "
تنهد كامل تنهيدة ارتياح بعد أن أغلق المكالمة و مسح العرق الذى تصبب على جبهته رغم أن السيارة مكيفة و نظر الى الطريق الذى تنهبه السيارة نهباً الى  القاهرة عائدةً من الساحل الشمالى و أمر السائق بالاسراع قليلاً ليصل قبل المغرب.
و أرجع رأسه الى الوراء  و سرح بذهنه فى الانتخابات المقبلة - التى أصبحت شغله الشاغل منذ فترة- كم يتمنى أن ينجح ليحصل على الحصانة الدبلوماسية و يصبح اسمه مسبوقاً بسيادة النائب بدلاً من رجل الأعمال , انه من حقه أن ينجح ويصبح عضو مجلس شعب فقد أفنى عمراً فى خدمة الحزب منذ أن كان شاباً – هو و الحزب – الى أن كبرا معاً و قد طمأنته المكالمة على مقعده فى المجلس عن الدائرة التى لم يزرها منذ أكثر من عشرين عاماً و على ما يبدو فان الراحة أصبحت قريبة , صحيح أنه لم يرزق بالأولاد الا أنه لا يفكر بهذة الطريقة فهو يحمد الله على بناته الثلاثة و يدعو الله أن يبقيهن له , هو فقط يرغب فى الحصانة ليوسع تجارته و ليطمئن على نفسه و بناته.
تذكر أيام الشباب عندما انضم الى الحزب و بدأ عمله بتجارة السيراميك فى  بدايات الانفتاح و كان الحزب شاباً وليداً و أدرك حينها أن الحزب هو مستقبله و أمانه فى هذة البلد التى لا أمان لها و الان بعد مرور أكثر من ثلاثين عاما ً على دخوله الحزب أصبح متأكداً أن قراره كان سليماً فهو كما أعطى للحزب الكثير من وقته و ماله فقد أخذ من الحزب السلطة و العلاقات و التسهيلات و غيرها.
أفاق من خواطره على أسماء الله الحسنى – رنة هاتفه المحمول – و ضغط الزر الأخضر : " السلام عليكم و رحمة الله ....ايوه يا بنى ادفعله اللى هو عايزه من غير فصال ...فاهم ؟؟ ...اه أنا عارف انه كتير ..مش شغلك ...أنت تعمل اللى أقولك عليه و بس .....و عليكم السلام و رحمة الله و بركاته ..."
أنهى المكالمة و طلب رقم ابنته الكبرى شيريهان فوجده مشغولاً,حاول أكثر من مرة حتى ردت عليه  " ايوه يا شيريهان ....انتى فين يا حبيبتى من الصبح باكلمك ...أنا جايلكو فى الطريق و حانتعشى بره مع بعض ...اوعى تروحى ف اى حتة  ولا انتى و لا اخواتك...ده انتى واحشانى اوى و عايزين نقعد  نتكلم ....ياللا سلام يا حبيبتى "
أغلق الخط و نظر مرة  أخرى الى الطريق فوجده بلا نهاية, نفخ و استغفر ربه ثم وجه الكلام الى سائقه: " بسرعة يا بنى شوية ....انت خايف لنتاخد مخالفة سرعة ولا ايه....ما تخافش و شهل شوية ده احنا بقالنا ييجى أربع ساعات ....."
                                     *******************
بخطوات سريعة و عينان منتفختان دلف مروان الى الشركة التى يعمل بها و القى التحية على الفتاة التى تجلس بالريسبشن " صباح الخير يا عزة "
"صباح الخير يا مروان ..مالك ؟؟"
" مافيش بس نايم قليل اوووى كنت سهران على القهوة و ماليش مزاج للشغل ...قوليلى الدكتور حسنى جه ؟؟"
" من ساعة بس ماسألش عليك "
"قشطة ..."
طرق باب د/حسنى عدة طرقات سريعة ثم فتحه قائلاً " صباح الخير يا دكتور "
"صباح الخير يا مروان أخباراك ايه "
"تمام يا دكتور..خلصت الليستة اللى اخدتها من حضرتك ...و مستنى اعدى على الدكاترة كمان كام يوم أشوف ايه أخبار الحاجة "
"مروان اسمع يا بنى..شغل ال  ساليز  يعنى فلوس..كاشات..انا عارف انك مجتهد بس انت لسه بعيد اوى عن الكوتا بتاعتك..و السنة حتخلص..شد حيلك و لو عوزت اى حاجة انا موجود.."
"ميرسى يا دكتور و ربنا يسهل ان شاء الله ...بعد اذن حضرتك "
خرج من الغرفة و فتح اللاب توب الخاص به ..لم يجد ذهنه رائقاً من أجل العمل بعد ففتح الفيس بوك و استوقفته صورة لفتاة جميلة تدعى " دينا " ..ارسل اليها طلب اضافة مرفقاً به رسالة جاء بها الاتى " دينا...انا عارف انك بيجيلك 100 ريكويست فى اليوم بس انتى فعلاً تستاهلى أكتر من كده من ناحية الشكل بس اما بقى الشخصية فانا لسه معرفتهاش بس انا متأكد انى لما اعرفك حالاقيكى اجمل من الصورة و انتى لما تعرفينى حتحترمينى و تقدرينى و عندى احساس جامد ان احنا ننفع صحاب...حاستنا نتكلم قريب "
شعر الوقت يمر بطيئاً للغاية فبدأ عمله و بعد عدة ساعات قرر أن يكتفى بما حقق اليوم و اخرج محموله المضبوط على الوضع الصامت ووجد 3 رسائل و 12 مكالمة كلهم من مى ..تنهد طويلاً و هم بطلب رقمها فوجدها تتصل به " الو ايوه يا مى "
" ايه يا مروان ...انتا فين؟؟"
" انا فى الشركة حاكون فين يعنى ..فى حاجة ولا ايه ؟ "
"باكلمك كتير اووى ...انتا مالك بقالك كذا يوم مش طبيعى "
"مفيش بس عندى شغل كتير يا مى "
" انتا مش طبيعى ...مالك فى ايه ..انت كنت بتكلمنى اكتر من 3 مرات فى اليوم , دلوقتى بقى يعدى أيام معرفش عنك حاجة.ناوى تقولى فى ايه و لا لأ ؟؟"
"صدقينى مافيش حاجة ...بس ضغطة شغل ..مافيش حاجة تانية "
" مروان..قولى بصراحة انتا عايز تكمل معايا ولا مش عايز ...قوللى ..."
" ايه الهبل ده ؟؟"
"مش هبل ...انا حاساك مش عايز تكمل معايا ...و انا بصراحة عندى كرامة و مش حابقى لحوحة ...لما تحب تكلمنى تفضل ف اى وقت..باى..."
القى بهاتفه بعيداً على المكتب و سرح بفكره فى مى و كل البنات اللاتى سبقناها ...لماذا لا يستطيع أحد أن يفهمه ..لماذا يشعر – فى كل مرة – انه وجد الفتاة التى يحلم بها ثم بعد فترة يشعر أنه تسرع فى الاختيار و أنها ليست فتاة احلامه....مى ليست اجمل فتاة فى الكون و لكنها تحبه جداً و تحاول أن تفعل المستحيل لارضائه و هو ايقن منذ فترة قصيرة انها ليست فتاة احلامه فهى سمراء و هو لا يحب السمر كما أن طريقتها فى الكلام صارت مستفزة له مؤخراً ...كان يبحث لضميره عن أسباب حتى لا يعذبه على ما يفعله بها وعلى ما فعله بغيرها و لكن عقله الباطن لم و لن يتركه هانئ البال و هو يعلم ذلك.
أفاق من شروده على صوت على زميله ."..ايه يا معلم؟ سهران انهارده و لا ايه ؟ "
" لأ انا خلاص حابعت كام مايل و اراووح "
                                      ********************
  "بسم الله ما شاء الله ..ايه الجمال ده...شبهك بالضبط يا ريم "
" ربنا يخليكيى يا ايناس عقبالك يا حبيبتى..والهى الجواز ده حلو مش زى ما كوننا فاكرين ..ا عندى وائل و ملك دلوقتى شرفت كمان بقو دنيتى كلها و ماليين عليا حياتى ..عايزين نفرح بيكى بقى... "
داعبت ايناس ملك ابنة صديقتها ريم ثم وضعتها فى السرير الخاص بها و عادت الى كرسيها  و رشفت رشفة من الشاى ثم قالت  "لأ يا شيخة ..انا مش بافكر فى الموضوع ده خالص ...انا مركزة فى شغلى و فى الشغل التطوعى التانى و معنديش وقت لاى حاجة من الحاجات دى "
"اخبار شغلك فى الشركة  ايه صحيح ...مبسوطة ؟ "
"والهى مش اوى..الموضوع بقى روتينى اوى و كمان مديرى الجديد دمه تقيل و مقفلها علينا كلنا مش عليا انا بس ..بس اهى  ماشية الحمد الله ..""
"طيب بصى يا ستى ..فى شركة المحمول اللى وائل جوزى فيها ..عايزين بنات للكول سنتر و المرتب كويس اوى غير المزايا التانية(مواصلات و ارباح و حوافز..تحبى تقدمى ؟؟ "
"و ماله ..اقدم واللى فيه الخير يقدمه ربنا ان شاء الله "
شردت ايناس بفكرها ..هى تعلم انها تكذب على صديقتها و على نفسها فمشكلتها ليست فى العمل ولا فى المدير و لا فى الروتين و انما فى انها لن تتمكن من العثور على زوج فى الشركة فقد حاولت أن تتقرب من معظمهم – غير المتزوجين طبعاً- و لم تجد املاً و اصابها اليأس من هذا المكان و لذا فهى تفكر فى البحث عن عمل اخر سريعاً لعل الله يجعل لها مخرجاً قبل أن يمر الوقت و تنتهى فرصها تماماً فى الزواج ..و حدثت نفسها قائلةً " كول سنتر ...والهى فكرة ...يعنى شباب كتير و فرص كتيرة و محدش يعرفنى هناك و ممكن ابدا من الأول ...يمكن ربنا يكرمنى بقى ويفك عقدتى على رأى أمى "
ارتسمت على وجهها ابتسامة عندما تذكرت هذة الجملة و التقتت الى ريم صديقتها و قالت بلهفة ظاهرها البرود
"ابعتلك السي فى امتى يا ريم ؟؟ "
                                ******************

" ايام مثيرة ... ليلة مع القمر ....قصة حياة امراءة ...مصر الجديدة...شارع مليان مطبات ....كل ديه و غيرها و غيرها من الاعمال اللى نوراتنا فيها فنانتنا ...اكيد عرفتو مين اللى معانا انهارده ....معانا الفنانة المعتزلة....ليلى "
انتقلت الكاميرا الى ليلى التى ابتسمت ابتسامة واثقة "اهلا بيك يا باسم و بكل الجمهور اللى فعلاً وحشنى "
"طيب ما ترجعيلو يا ليلى طالما وحشك و انتى وحشتيه ؟ "
" صدقنى انا نفسى بس الوسط بقى وحش اوى يا باسم و كل الناس بقت بتمثل و ترقص .."
استمر الحوار على هذا المنوال لمدة ساعة تخللتها بالطبع بعض الفواصل الاعلانية  ثم قال باسم بعد اشارة من هانا مخرجة البرنامج " فى نهاية لقائنا بليلى باشكرها اوووى و يا ريت تنورلنا برنامجنا مرة تانية قريب اوى علشان الحوار معاها عمره مابيخلص ..ميرسى يا ليلى"  " ميرسى يا باسم ...و ان شاء الله تشوفونى قريب انا مقدرش اتأخر على جمهورى ابداً "
نزل تتر البرنامج و قامت ليلى موجهة كلامها الى باسم " تسمحلى تقبل دعوتى على العشا بقى ..انا عاملة عشا كدة علشان اجمع الناس و الحبايب الخميس اللى جاى فى المنصورية و ماتخافش حيبدأ بعد البرنامج بتاعك ما يخلص انا عاملة حسابى ..."
"يا فندم انا تحت امر حضرتك..اكيد طبعاً حاااجى ..."
" لأ بلاش حضرتك ديه ...خلييها ليلى بس ...هو احنا مش بقينا اصحاب ؟ "
" طبعاً اصحاب يا ليلى .... "
سلمت عليه و خرجت من الاستوديو و هى تكاد ترقص فرحاً ...انها تعرف انها امراءة لا تقاوم و كل من تزوجها قبل ذلك يشهد انها اجمل الاف المرات مما تظهر على الشاشة ..انها المادة الخام للاغراء ..و المحرك الرئيسى للشهوات و هى عن نفسها لم تهتز هذة الثقة مطلقاً فهى تعلم انها سوف تنال اعجاب اى رجل مهما بلغت قدرة مقاومته فانه سريعاً ما سوف ينهار امام نظارتها و لمساتها ..نعم لقد تخطت الخمسين بقليل و لكنها لا زالت ليلى التى تنال اعجاب رجال مصر كلهم و تنال غيرة نساء مصر كلهن ايضاً.
ركبت سيارتها و اعطت الاوامر لسائقها أن يذهب الى المنزل بدلاً من المطعم كما كان يظن و أخرجت الهاتف المحمول و طلبت رقماً ( الووو...سورى يا وفاء مش حاينفع اجيلكو انهارده ..لازم اروح علشان ارتب لحفلة الخميس ..انتو جايين مش كدة ؟؟هايل حاستناكو من بدرى علشان الفاينال تاتش نعملها سوا...ياللا باى "
أغلقت و قالت فى سرها ..." ان الخميس لناظره قريب "
                                           ********************"






No comments:

Post a Comment