5/10/2011

نظرات

أصل الى المكان متأخراً ما يقرب من الساعة عن موعدنا و أجدها جالسة على طاولة أمام البحر تشرب مشروباً ساخناً لا أعرف كنهه و لكن من المؤكد أنه بشع مثلها.
تباً لها و لاختيارتها ...ها هى تختار مكاناً بارداً و امام البحر مباشرة فى شهر يناير ..انها تنوى قتلى فهى تكرهنى و أنا أعرف هذا ...تتجاهل وجودى تماماُ فأجلس و أطلب قهوة أمريكية من الحجم الكبير..
تنظر الى شذراً وتبتسم بسخرية على اختيارى للقهوة الأمريكية و ربما على مظهرى الدميم أو ملابسى الغير مهندمة....
أنظر الى ملابسها ذات الألوان المزرية و الى شعرها الأقرب الى غابة من  الذباب والى جسدها الذى لا يثير اى شهوة فى أى ذكر كان و الى ملامحها السمجة..أقاوم رغبتى فى الغثيان بأعجوبة فأبعد عيناى عن منظرها المقزز و أنظر الى البحر الذى هدأت أمواجه ربما من فرط قبحها و عدم اثارتها ثم أتأمل بعينى الجالسين فى المكان..
أكاد أموت ضحكاً ..الكل يتظاهر بالحب أو بالسعادة بينما كلهم من التعساء مثلى و مثلها ..أستطيع قراءة أفكار هذا الشاب الموجود فى الركن البعيد الذى اختاره عمداً بكل تأكيد, ها هو  جالس أمام الفتاة المحجبة التى تضع مكياجاً صارخاً فتصبح أقرب الى المهرج او الى رجل يتقمص شخصية أنثى ..ان افكاره تقول لها " لن أتزوجك ابداً...ستظلين صديقتى التى أقضى معها بعض الوقت ثم تحدث بيننا مشاكل و نفترق" ...يقولها فى سره و يضع يده فوق كتفها بطريقة خالية من اى مشاعر و ان كانت ليست خالية من رغبة  فتبتسم هى فى بلاهة و تبدو قريبة الشبه بنبيلة عبيد فى فيلمها الشهير ( توت توت) و تقول فى سرها " بل ستتزوجنى يا أحمق ...تظن أنك داهية و تستطيع اللعب بمشاعرى ..قد لا أجعلك تحبنى و لكننى حتماً سأصل بك الى المأذون ...."
أبصق أرضاً بلا حياء من فرط تقززى من هذا المشهد المريع و أنتقل بعينى الى المجموعة الجالسة فى المنتصف ...هناك فتاة تتظاهر بخفة الظل و هناك شاب يضحك باصطناع على سخافتها و هو ينظر الى عينيها مباشرة  بينما هى تعد بعينيها عدد المستمعين لكلامها..هناك فتاة أخرى تراقب شابأً وسيماً يجلس مع سيدة جميلة تبدو فى الأربعينيات من عمرها على طاولة أخرى ...يوجد ايضاً شاب اخر يبدو غير مهتم بالجلسة و كل من فيها و يمسك بهاتفه المحمول و يقرأ الرسائل القديمة كنوع من أنواع قتل الوقت.
فى الركن الاخر توجد جلسة تعارف من أجل الزواج فترى شاباً يجلس الى جوار سيدة كبيرة و على الجانب المقابل ترى فتاة سمينة تجلس بجوار امرأة أسمن منها بكثير.....أتأملهما قليلاً فأوقن أن هذة السيدة ما هى الا تلك الفتاة بعد ثلاثين عاماً ...أعود للشاب الذى تفحص عيناه كل جزء من الفتاة و يحاول تخيلها بعد الزواج مع انه لو التفت قليلاً و نظر على يسارها لوجد مراده فى أمها اما الفتاة فتحاول أن تكون فاتن حمامة فى نظر الشاب فتصطنع الطيبة الزائفة و تخفض صوتها فى الحديث و تنظر الى الأرض محاولة سبك الدور على الشاب و أمه التى تبدو غير راضية عن الموضوع برمته نظراً لسمانة الفتاة و الحجم المهول لوالدتها.
أبتسم رغماً عنى و أبحث عن أناس اخرين فلا أجد الا احدى العاملات فى المكان تبتسم طوال الوقت برغم ضيقها  من سخافة الرجل الطاعن فى السن الذى يترك لها  رقم هاتفه يومياً  على ورقة و يحول غبائه دون أن يفهم أنها لا تبيع نفسها ..هى فقط لا يمكن أن تحصل على عمل اخر  ولو بنصف هذا المرتب و لذا فهى مضطرة الى تحمل سخافة الاخرين , اما هو فيتفحص جسدها كالذئب و يكتب رقم تليفونه للمرة الثانية عشر و يترك بقشيشاً أزيد من كل يوم محاولاً شرائها لمرة يبدو انها لن تكون الأخيرة ...
أعود اليها فأجدها تدخن سيجارة بطريقة سوقية تتناسب مع شكلها القمىء و تنفخ الدخان فى الهواء بطريقة تزيدنى استياءاً منها و تضاعف رغبتى فى افراغ معدتى..
تباً ...لقد نسيت القهوة حتى بردت ...اللعنة عليكى و على معرفتك التى تشبه شعرك الأسود..سأطلب واحدة جديدة و أحاول أن أتجاهلك
أشير الى الفتاة التى لا تكف عن الابتسام فأطلب قهوة جديدة و ألمح الملعونة بطرف عينى تبتسم و تنظر الى شذراً
   ****************************************************





No comments:

Post a Comment