5/08/2011

فقط عندما يغيب القمر أتكلم

لا أتكلم الا عندما يغيب القمر, عندما تصبح السماء سوداء كثياب المعزين فى ماتم الليل ..عندها أحب الكلام و عندها فقط أتكلم...
أمسك بهاتفى المحمول الذى صار يكرهنى و يلعننى فى اليوم ألف مرة من كثرة تحرشى اللا أخلاقى به فأصابعى تعبث فى أجزائه يومياً مئات المرات بحثاً عن اللا شىء الذى لا يكون موجوداً ابداً و لكننى أظل أبحث عنه فى كل الأوقات و بكل الطرق.
يمناى تتحرش بأزرار المحمول الذى يأن ضجراً منى و من قدره فى صحبتى و يسراى تبحث عن أول اختراع بشرى فى التاريخ لتشعل اللفافة السامة المحشورة بين شفتى كقبلة لا تجد لها صاحب.
أعثر على قداحة قديمة لا تعمل فالقيها بلا مبالاة الى أبعد نقطة فى الغرفة و أعاود البحث.
اؤجل فكرة احراق صدرى الى وقت لاحق فأنا بحاجة الى أن ابدأ الكلام الان و بلا ابطاء.
أغمض عيناى فتنبعث أمامى أجمل نساء الكون لتبصق فى وجهى و تغيب , أطرد صورتها من خيالى فتتحول الى مديرى فى العمل يلعننى و يلعن اليوم الذى عملت فيه معه , أفتح عيناى فألعن كل من توفى من ذرية والدته و أطلق سبة بذيئة و أغمض عيناى مرة أخرى املاً فى الحصول على الصورة المطلوبة.
تتوالى صور أناس عرفتهم و حسبتهم أصدقاء و صور أناس لا أعرفهم و لم أحسبهم أصدقاء و صور لقتيات أحببتهن و صور لفتيات لم أحبهن كلهم و كلهن يبصقون فى وجهى.
لا أحصل على الصورة المطلوبة فأعاود البحث مرة أخرى عن قداحة تحترم نفسها و تحترم رغباتى و تعمل و لا أجد.
يبدو أن التحالف الأعظم فى الكون قد عقد بين كل بنى البشرو كل الأشياء فى حضور كل الحيوانات و النباتات و أعلنوا اتحادهم ضد سعادتى و ضد رغباتى.
لا بد أن أغادر المكان أو أن يغادرنى المكان يائساً أرتدى ملابس ثقيلة فأبدو أقرب لدب قطبى منى لبشرى , أنظر الى نفسى فى المراّة فأجد من خلفى شياطين و حواة ينظرون الى بعضهم البعض و يتغامزون , أتجاهلهم تماماً و أواصل تصفيف شعرى و أنا أصفر بلا مبالاة أحسد نفسى عليها.
كيف يمكن أن أصفر و أبدو هكذا فى الوقت الذى يتحالف الكون كله ضدى.
أخرج من المنزل و أنزل درجات الدرج القديمة فى تؤدة تليق بحكمتى ووجاهتىو أواجه الشارع للمرة الأولى منذ عدة ليال.
يأتى من العالم القديم بلونيه الأبيض و الأسود فأشير له بثقة فى النفس – لا أدرى من أين اكتسبتها- ثم أركب دون تحديد الوجهة فيتذمر , أعطيه سيجارة و أطلب منه اشعال السيجارتين فتخف حدته و يسأل فأجيب بمكان لا أتذكره بعدها بثانية واحدة.
ينطلق يقطع الشوارع الخالية فأصل سريعاُ الى المكان الذى لا أعرفه فأقف أنظر اليه عن قرب , أتجاهل نظرات الناس الذين لا أراهم و أمضى فى طريقى عائداً من حيث أتيت ثم أتوقف بعد ثوان أو دقائق أو ساعات لا أتذكر و لا يهم فالوقت ليس عنصراً متغيراً عندى.
هل أتحرك و تقف الأشياء أم أقف و تتحرك الأشياء فى قصتى؟ لست أدرى..
ما هى قصتى ؟ معذرة لقد نسيت أن أحكى لكم ما هى قصتى و لكنى أعدكم عندما يغيب القمر مرة أخرى أن أتكلم وأن أحكى قصتى.





No comments:

Post a Comment