7/26/2011

من أجل الحفاظ على الثورة

أعلم مسبقأ قبل أن أخط حرفاً واحداً فى  هذا المقال أن الكثير من الأصدقاء سيختلفون معى فى الرأى و خصوصاً أصدقائى الثوريين الموجودين فى التحرير و غيرهم اما من لا يعرفنى فحتماً سيتهمنى بالعمالة للمجلس العسكرى و بأننى من فلول الحزب الوطنى و أمن الدولة و أعداء الثورة.
فالفكرة التى أود مناقشتها هنا هى فكرة قد تبدو ظاهرياً غير ثورية و لكنها فى حقيقة الأمر هى فكرة هدفها خدمة الثورة التى بدأت تتراجع بشدة نتيجة لممارسات متهورة من المجلس العسكرى و من المتظاهرين على السواء و كذلك للطبيعة الغير ثورية التى يتمتع بها الشعب المصرى و التى تجعله ينشد الاستقرار حتى لو فى القاع كما كان الحال قبل مبارك.
مما لا شك فيه و مما لا يحتمل النقاش او التأويل أن المجلس العسكرى أخطأ باتهام حركة 6 أبريل بالعمالة للخارج دون أن يقدم أى دليل على ذلك و استغل لواءات المجلس قلة ثقافة العديد من المصريين و ثقتهم العمياء فى المؤسسة العسكرية لتشويه الحركة التى دقت المسمار الثانى فى نعش حكم مبارك – بعد حركة كفاية- و قادت اضرابات المحلة و القاهرة عام 2008 بنجاح منقطع النظير و كانت من اوائل الجهات الداعية لمظاهرات الخامس و العشرين من يناير و لكن لأن هناك من لا يعرف تلك المعلومات فقد صدق على الفور الاتهامات و بالطبع كان هناك من يعرف حقيقة 6 أبريل فانبرى للدفاع عنها و انقسم الناس الى نصفين- كما أراد المجلس العسكرى-بعد أن كان الجميع ملتف حول محاكمة مبارك و أركان نظامه , صار الأهم هل 6 ابريل حركة صربية أم مصرية ؟
الحقيقة أن فكرة المسيرة الى وزارة الدفاع لم تكن موفقة و شخصياً توقعت كارثة من وراء تلك المسيرة, كذلك اغلاق المجمع كانت فكرة غير موفقة ايضاً و الحمد لله فقد استجاب الثوار لصوت العقل و فتحوا المجمع و لكن ما أريد أن أقوله هو أن فئة كبيرة من جموع الشعب بدأت تفقد التعاطف مع الثوار بسبب التشويه المتعمد لكل ما هو ثورى من قبل الاعلام المصرى و المجلس العسكرى بالاضافة الى "التهور " الثورى المصاحب لتصرفات الثوار مؤخراً.
اعتقد أنه صار من الواجب الان الانسحاب من ميدان التحرير و فض الاعتصام و تغيير الأولويات فمن الواضح أن المجلس لن يستجيب لمطالب الثورة كما أن فقدان تعاطف الأغلبية الأقل ثقافة مع الثوار هو أخطر ما يهدد الثورة و يجب على الثوار الان أن يغيروا من هدفهم و استراتيجيتهم نحو هذا الهدف, فلنترك المحاكمات و تطهير الداخلية الى الرئيس المنتخب او الى مجلس الشعب المنتخب و لنعمل الان على  التركيز على الانتخابات, على حشد الأصوات , على كسب تعاطف المواطن البسيط فى مختلف المحافظات بطرح برامج انتخابية تلائم احتياجاته و العمل على التقرب اليه بكافة الأشكال و لا مانع ابداً من التعلم من الاخوان المسلمين الذين ينظمون معرضاً للسلع الاستهلاكية و يسيطرون على أسعار أنابيب البوتاجاز فى المناطق الشعبية فهم يصلون الى المواطن مباشرة و ليس عبر مناير اعلامية فللأسف الشديد غالبية الشعب المصرى لا يتابع اى وسيلة اعلام و يعتمد فى معلوماته على ما يسمعه و يراه فقط.
فلنترك الاعتصام و التظاهر و لتسقط حجة كل من يكرهون الثورة بفتح الميادين- و كأنهم يومياً يمرون من الميدان المغلق!- و لنذهب الى الشعب المصرى لنرى ماذا يريد و ما هى مشاكله و نعمل على حلها و لنضغط من أجل تفعيل قانون الغدر و من منع أعضاء الحزب الوطنى من الترشح فى الانتخابات القادمة, فلنتحالف مع الاخوان و غيرهم من القوى المنظمة من أجل تجنيب المواطن البسيط المعاناة فى المستقبل, فلنعمل أكثر على التوعية بالانتخابات و قانونها الجديد و لنتواصل مع كل المواطنين و نحذرهم من مغبة بيع الأصوات فى الانتخابات.
أعتقد أن هذة الأولويات أهم حالياً من الاعتصام و التظاهر – الذى يتطلب مجهوداً بدنياً و نفسياً جباراً- خصوصاً فى ظل ارتفاع درجة الحرارة و طول مدة الاعتصام-, فلننظم أنفسنا كما فى الميدان و لكن خارجه و لنتوجه الى الشعب قبل أن يكتمل سيناريو المجلس العسكرى فيلهينا فى الانقسام و الاعتصام و التظاهر و نفيق على مجلس شعب منتخب يمتلك الشرعية مكون من أعضاء سابقين فى الحزب الوطنى و أعضاء فى جماعة الاخوان المسلمين بالاضافة الى كبار التجار و أبناء العائلات الكبيرة.
و عندها لن يكون فى مقدورنا حتى التظاهر و سنجلس نشاهد هؤلاء و هم يكتبون دستورنا الجديد و لن نملك حتى حق الاعتراض و الا سنتهم بالقفز على الشرعية.
نداء الى ثوار مصر الشرفاء: اتركوا الميدان و هيا الى طريق البرلمان.


No comments:

Post a Comment