9/08/2011

قدر

1
مهموماً يائساً يخرج من باب الجامعة بعد اعلان النتيجة , ها هو عام جديد قد مضى دون أن ينجح فى أن ينجح ...ها هو عامه الرابع فى السنة الثانية و عامه الثامن فى الكلية التى يبدو أنه سيعيش فيها للأبد , محبطاً يتجاهل اتصالات أخته الكبرى و اتصالات فتاته, الأولى تفهم ما فى الأمر فتقرر ألا تتصل ثانية اما الثانية فتصر على الاتصال فتنفلت أعصابه و يجيبها منفعلاً و يخرج كل شحنات انفعاله فيها ويسبها و ينهى المكالمة.
يضع هاتفه فى جيبه و يشعل سيجارة , يجلس على الرصيف فى ملل و احباط فاق الحدود, تمر سيارة يقودها شاب فى عمره و الى جواره فتاة جميلة ويبعثر مياة المجارى المتكومة على الأرض على ملابسه .
يشعر بأن الكون كله يعانده و أن لا أحد يريده فى الحياة , تزداد فكرة الموت لمعاناً فى ذهنه كحل أخير لكل ما يمر به من مشاكل لا نهاية لها.
متسخ الملابس جالساً على الرصيف يخرج هاتفه المحمول فيجد رسالة من فتاته تخبره بأنه فاشل و يعلق فشله عليها و تعلمه بأنها لا تود أن تعرفه مرة أخرى.
ها هى مصيبة جديدة تضاف الى مصائبه , يضع هاتفه فى جيبه و يخرج من جيبه الاخر عدة عملات معدنية يعدها بسرعة و يبتسم فى استهزاء و يستعد للذهاب الى مسكنه الذى يعيش فيه وحيداً منذ زواج أخته الكبرى التى لولا مساعدتها له مادياً من وراء زوجها لما بقى على قيد الحياة.
 يعبر الطريق ليقف فى الموقف منتظراً الأوتوبيس الذى سيقله الى البيت بملابس متسخة و روح محبطة يائسة وفكرة الانتحار قد تمكنت منه كلية خصوصاً بعد سماع سخرية لاذعة من مجموعة شباب يتسكعون فى الطريق بلا هدف و يستقر ذهنه على الفكرة و يستعد لتنفيذها فيتقدم بضع خطوات الى الأمام حتى يصبح فى عرض الطريق.
2
 يشعل سيجارة فى غرور و كبرياء و يرمق الفتاة الجميلة الجالسة الى جواره فى السيارة و قد امتقع وجهها , ها هى تعود مرة أخرى للحديث عن ضرورة الزواج من أجل السترمن الفضيحة التى تسبب فيها , يستمع اليها فى لا مبالاة و لا يرد على كلامها الذى بدأ يتحول الى رجاء تقريباً , مسكينة هى لا تعرف أنها ليست الأولى التى يغرر بها ولا تعرف أنه لن يتزوج بها ابداً و لا بغيرها لأنه بالفعل متزوج و رزقه الله بطفلة منذ أسابيع قليلة و لكنه لا يكف عن التغرير بالفتيات الجميلات مثلها , حباه الله بأسرة غنية ساعدته على اتمام زواجه فى سن مبكر كما رزقه الله بزوجة و طفلة من أروع ما يكون و لكنه تعود على التدليل و لم يكف عنه فقد استمر فى اقامة علاقات مع فتيات بريئات أوهمهن كلهن أنه الزوج المنتظر حتى حصل على غرضه منهن ثم لاذ بالفرار , هذة الفتاة تعجبه و لذا فهو ما زال محتفظاً بعلاقته بها الا أن حديثها المتكرر عن ضرورة الزواج بدأ يزعجه فقرر الا يقابلها ثانية و أن ينهى علاقته بها الان.
حاولت زوجته معه مرات عديدة منذ زواجهما و قد ظنت أنه بعد أن رزق بطفلة سيكف عن ضلاله و لكنها وجدت على هاتفه المحمول رسائل و مكالمات أكدت لها أنه فى علاقات جديدة وأنه لا فائدة ولا أمل من انصلاح حاله الا  فسلمت أمرها الى الله داعية له بالهداية بعد أن يأست من نصائحها الى تذهب هباءاً.
يسرع بالسيارة حتى يوصلها الى بيتها و يعبر فوق بركة من مياه المجارى فيغرق شاباً يائساً جالساً على الرصيف بها دون أن يدرى.
يصل الى منزل الفتاة فى نهاية الشارع فينزلها أمام منزلها و يستدير فى الاتجاه المعاكس ليمضى مسرعاً فى طريق العودة باحثاً عن تجربة جديدة و فتاة أخرى بريئة, يخرج زجاجة صغيرة من الخمر و يجرعها فى بطء وهو ينطلق بالسيارة.
الشارع شبه خال فيزيد من سرعته و  فجأة يجد شاباً متسخ الملابس يقفز الى منتصف الطريق و تصبح مفاداته مستحيلة
3
 عربة شرطة و عربة اسعاف و عشرات المارة فى الشارع تجمعوا لرؤية الحادث المروع و فى وسط المشهد جثة شاب متسخ الملابس تغطيها حفنة من أوراق الجرائد و شاب ذو ملابس منمقة يبكى منهاراً ويقسم أن الشاب الاخر هو من ألقى نفسه فى عرض الطريق ولا أحد يصدقه.
رجل شرطة يخرج زجاجة شبه فارغة من الخمر من السيارة و يتوجه الى الشاب الباكى الجالس على الرصيف و يمسك به بقوة و يستعد الجميع للذهاب

No comments:

Post a Comment