9/20/2011

زوايا رؤية


زاوية رؤيا

مروة

لقد رأيت سلمى و هى تقوم بذلك الفعل الشنيع ..رأيتها تمزق الأوراق و على وجهها علامات الخوف من أن يراها أحد تفعل ذلك .
أنا أعرف سلمى جيداً منذ اليوم الذى بدأت فيه العمل بشركتنا , حقودة ..غيورة ...لا تحب سوى نفسها .. نظارتها الطبية تزيد من مظهرها خبثاً و دهائاً.
لا تتكلم كثيراً لأنها دائماً ما تفكر فى ايذاء الاخرين فلا تجد وقتاً للكلام, عادة ما تبتسم ابتسامة صفراء مقيتة تذكرنى بال باتشينو فى فيلم محامى الشيطان .
تكيد لزملاء و زميلات العمل للحصول على الترقيات بشكل أسرع و لكن مسعاها دائماً يخيب لأن العدالة ما زالت موجودة و لم تغيب.
هل تريدون شهادتى على ما حدث ؟ حسناً ...سأقول ما رأيت حرفياً دون زيادة أو نقصان و دون أن أقحم رأيى الشخصى فى سلمى فى الشهادة.
كان يوم أحد , بداية الأسبوع و كنت أتجه الى كافتيريا الشركة لاعداد فنجان من القهوة المركزة-بنفسى فلو اعتمدت على سليمان عامل البوفيه لانتظرت ساعة على الأقل- لأستعيد نشاطى و قدرتى على التركيز و مررت على مكتب سلمى فرأيتها محدقة فى الشاشة أمامها و ترشف رشفات من قهوتها و تبدو عليها أمارات التركيز الشديد .. لم ترانى و أنا أحتل موقعاً متميزاً خلف أحد الأعمدة حتى لا أضطر الى القاء تحية الصباح عليها . رأيتها بعينى و هى تفتح الدرج و تنظر حولها فى بطء لتتأكد أنه لا أحد يراها ثم تخرج مجموعة من الأوراق – من المؤكد أنها أوراق الحسابات– نظرت فيهم قليلاً لتتأكد أنها الأوراق المعنية ثم  مزقتها الى عشرات القطع الصغيرة و ألقت بها تحت قدميها فى سلة القمامة و عاودت النظر الى الشاشة و ارتسمت على شفتيها شبح ابتسامة مقيتة.
هذا هو ما رأيت و لو أن سلمى كانت أمى أو أختى لقلت نفس الكلام فهذا هو حقاً ما رأيت.




يحيى

سلمى..يالها من فتاة ساحرة تلك الفتاة..جميلة جداً ..ترتدى النظارات الطبية فتبدو أكثر فتنة ..تبتسم ابتسامتها المعهودة فأشعر بانفراجة أمل فى هذا المجتمع البائس.
هى زميلة مكتبى منذ أن جاءت الى شركتنا..قليلة الكلام ...كثيرة الابتسام .أعتقد أنها كانت تستحق الترقية فى العام الماضى فهى تعمل كثيراً جداً و باخلاص و لم تنال الترقية لأنها لا تسعى اليها مثل الاخرين كمروة و غيرها,لا أعرف عنها الكثير و لكن من المؤكد أنها بريئة من تهمة الاتلاف العمد لبعض أوراق الحسابات الهامة.
نعم رأيتها فى ذلك اليوم تمزق أوراقاً و على الرغم من أننى لم أرى الأوراق المممزقة فمن المؤكد أنها ليست الأوراق المعنية فمن المستحيل أن تقوم سلمى بهذا العمل ابداً.لابد أنها أوراق عديمة القيمة و لذا فقد قررت سلمى – من باب النظافة- التخلص منها.
حسناً ..سأقول ما رأيت و لن أضيف رأيى الشخصى فى سلمى فى الموضوع.....
كان يوم أحد,بداية الأسبوع و كنت أتصفح بريدى الالكترونى المكتظ و أنا أحتسى كوب الشاى باللبن فى تؤدة و فى المكتب أمامى تجلس سلمى كالملاك الوديع تؤدى عملها كما هى العادة – بهدوء و صمت-  و تحتسى قهوتها المفضلة بالبندق ثم يبدو أنها تذكرت شيئاً ففتحت درج المكتب و على وجهها علامات الانزعاج- أمارة على اعتنائها بعملها- و أخرجت مجموعة من الأوراق نظرت فيهم قليلاً و تأكدت من عدم أهميتهم ثم مزقتهم الى قطع صغيرة و ألقت بهم الى سلة المهملات تحت قدميها و على وجهها ابتسامة عذبة و عادت الى ممارسة عملها بتركيز و اتقان و ابتسامتها الملائكية لم تفارقها.
هذا هو فعلاً ما رأيت دون اى اضافة أو حذف و لو كانت سلمى ألد أعدائى لما أضفت حرفاً أو أخفيت حرفاً, انها مسألة أمانة.



سليمان

الانسة سلمى...انها موظفة كبقية الموظفات فى الشركة...أعرفها منذ قدمت الى شركتنا و أنا أعد لها القهوة بالبندق بدون سكر كما تحب... لا تتكلم كثيراً ..فقط تشكرنى عندما اتيها بفنجان القهوة كل صباح و تبتسم ابتسامة عادية ...أراها تركز بشاشة الحاسب الالى أمامها ولست أدرى هل هى حقاً تعمل بكد و اجتهاد أم مثل الكثيرين تمارس ألعاب شيقة و تدعى التركيز . لا أعرف و لست مهتماً أن أعرف فهذا ليس من صميم عملى..
سأقول ما رأيت دون أن يدخل حكمى على الانسة سلمى أو غيرها فى الموضوع مع أننى لست مؤهلاً لاصدار الأحكام عليها أو على غيرها.
كان يوم أحد , بداية الأسبوع ..كنت أُقوم باعداد مشروبات الصباح لبعض موظفى الشركة بشكل روتينى.
ووضعت كوب الشاى باللبن أمام مكتب الأستاذ يحيى و أخذت أبحث عن أكواب فارغة فى بقية مكاتب الغرفة الخالية و خاصة أن لدينا فى الشركة بعض الموظفين المهملين الذين يفضلون وضع أكوابهم الفارغة على الأرض أو فى أماكن يستحيل على رؤيتها و لذا فلابد من البحث جيداً.
انحنيت أسفل أحد المكاتب الخالية لأبحث فلمحت بطرف عينى الانسة سلمى تنحى قهوتها جانباً و تفتح الدرج و على وجهها علامات من عدم الراحة و أخرجت مجموعة من الأوراق نظرت فيهم لبعض الوقت ثم مزقتهم و ألقت بهم الى صندوق القمامة و عاودت النظر الى الشاشة و ابتسمت نفس الابتسامة الحيادية كالعادة.
لا أعرف أكثر من هذا و لا أعرف اصلاُ ما هى متهمة به حتى أحدد اذا كانت بريئة أم مذنبة؟
هذة شهادتى و الله على ما أقول شهيد.



سلمى

تحقيق..اتلاف أورق الحسابات عن عمد...سرقة ...أنا ؟؟ كل هذة التهم موجهة لى أنا ؟!!
أنا لا أصدق أن يتم اتهامى بكل هذا, قد لا أكون الموظفة المثالية , قد أكون شديدة الاهمال و أضعت الأوراق غصباُ عنى , قد تكون مكيدة دبرتها أحد الزميلات و لكن أنا لم أتلف أى أوراق عن عمد.
سأحكى ما حدث بمنتهى الأمانة فى صباح ذلك اليوم المشئوم رغم أننى أعلم أن الحكاية قد تظهر مدى استهتارى و اهمالى فى عملى .
كان صباح يوم أحد , بداية الأسبوع ..كنت أجلس أرشف رشفات من القهوة بالبندق التى أحبها بدون سكر و أتابع صفحتى الخاصة على الفيس بوك.
نعم...الفيس بوك..فأنا قليلاً ما أركز فى عملى و ها هى النتيجة ...تذكرت و أنا أقرأ رسالة قديمة من احدى الصديقات أننى قد نسيت أرقاما ً  و عنوايناً هامة كتبتها لبعض المطاعم و أماكن التنزه فى درج المكتب.
خشيت أن يتهمنى أحد بالاهمال اذا ما عثر على هذة الأوراق بالاضافة الى أننى لست بحاجة اليهم فى الوقت الحاضر.
نظرت حولى فوجدت يحيى زميل المكتب لا يختلس النظرات الى- كعادته- و لمحت سليمان مشغولاً بالبحث عن شىء ما أسفل أحد المكاتب كما رأيت بطرف عينى شعر أشقر يظهر من خلف أحد الأعمدة,أغلب الظن أنه يخص مروة – التى تكرهنى دون سبب ما- و عندما تأكدت أن أحداً لا يستطيع أن يرى ما فى الأوراق فتحت درج المكتب و ألقيت نظرة سريعة لأتأكد أننى لست بحاجة الى تلك الأوراق مرة أخرى مزقتها الى قطع صغيرة و ألقيت بها فى سلة القمامة ثم عاودت النظر الى صفحتى الشخصية فوجدت دعابة من أحد الأصدقاء دفعتنى الى الابتسام رغماً عنى .
أين أوراق الحسابات؟ صدقونى لست أدرى ..أعترف باهمالى و أقبل أن تعاقبوننى عليه  و لكن لا تعاقبونىى بتهمة السرقة أو الغش لأننى لست لصة و لا مزورة و لم أمزق الأوراق عمداً.
صدقونى ...أقسم أنها الحقيقة.....
*****************************************************************




No comments:

Post a Comment