انه يوم الجمعة ...اليوم الذى انتظره كل أسبوع بفارغ الصبر لأعود الى الاسكندرية –موطنى الأصلى- بعد أسبوع عمل عادة ما يكون شاق لأقضى يومين أحدهما بصحبة الأهل و الاخر بصحبة الأصدقاء قبل أن أعود الى العاصمة المقززة مرة أخرى فى ليل السبت استعداداً لبدء أسبوع ممل جديد.
الساعة تقترب من الثامنة صباحاُ فأنا اعود من عملى مساء الخميس مرهق بشدة فأنام حتى فجر الجمعة و استعد للسفر مبكراً للحاق بيومى كاملاً فى الاسكندرية.
أجلس فى كافتيريا المحطة بانتظار قطار الثامنة و الربع ..أطلب قهوة عالريحة و أشعل سيجارة و ابدأ فى تصفح العدد الأسبوعى السمين من جريدة الأهرام.
لا أجد سوى اعلانات مكررة من الجمعة الماضية فأتصفح كتابى الذى أخترته للرحلة و يبدو مبشراً للغاية فيصير مزاجى رائقاً خصوصاً مع ازدياد النسمات الرقيقة القادمة من جهة الشمال مما يوحى بجو أكثر من بديع فى الاسكندرية.
أتجه نحو القطار و أبحث عن مقعدى حتى أجده فأجلس ناظراً الى الأشياء من خارج النافذة و أنتظر أن تبدأ فى التحرك للخلف بسرعة تتزايد مع مرور الوقت.
أحب السفر بالقطار و أفضله عن كل وسائل السفر الأخرى بما فيها الطائرة, القطار ممتع جداً و الذى يتأمل سفره بالقطار سيكتشف متعة لا نهاية لها فى تأمل الأشياء و الأشخاص.
عندها دخلت هى و جلست فى الكرسى المواجه لى مباشرة بملابسها الغريبة نوعاً ما و ان كانت محتشمة الى حد كبير ..نظرت اليها نظرة سريعة و اشحت بوجهى حتى لا أسبب لها احراجاً و لكن ملامحها انطبعت فى ذهنى فى ثانية ..شعرهاحالك السواد طويل ينسدل على كتفيها فيصل الى منتصف ظهرها .عيناها سوداوتان واسعتان وفوقهما حاجبان مستقيمان و شفتاها مكتنزتان..خداها منتفخان باحمرار جذاب ..تملك رقبة طويلة ..هى ليست بيضاء و ليست سمراء ..هى سمراء أقرب للبياض أو بيضاء أقرب للسمار لا أستطيع التحديد و لكن لون بشرتها أخاذ الى درجة لا توصف...انها كلها جذابة الى درجة لا تصدق ...ملابسها غريبة كما ذكرت ترتدى ثوباً طويلاً أٌقرب الى الفستان و لكنه ليس كذلك ..أبيض اللون مزركش من عند الكتفين و الصدر بألوان زاهية لامعة و من الكتف للخصر يقطع ثيابها شريط من القماش الأحمر يصل حتى ظهرها..ترتدى فى قدميها خفاً أحمر ذو كعب ليس بعال..شكلها مع ملابسها يبدو كلوحة فنية .. تجلس فى شرود تنظر الى خارج القطار الذى بدأ بالفعل فى التحرك مخلفاً وراءه محطة ثابتة فى مكانها منذ عقود.
أردت أن أنظر اليها مرة أخرى و لكننى خشيت من أن أسبب لها احراجاً فأخرجت كتابى و بدأت بالقراءة فى مقدمته ..
أكتشفت أنه من المستحيل التركيز فى القراءة أو فى اى شىء اخر الا هى فألقيت الكتاب و خطفت نظرة سريعة اليها مرة أخرى.
أين رأيت هذة الفتاة من قبل..من المؤكد أننا عشنا حياة سابقة معاً فى بلاد بعيدة كانت هى فيها زوجتى أو أختلى و ربما أمى او ابنتى فأنا أشعر تجاه وجهها بألفة غير مسبوقة ...دون قصد أطلت النظر اليها فانتبهت الى نظراتى الفضولية..وجدت نفسى مرتبكاً فرسمت ابتسامة خفيفة لعلها تخفف من توترى فبادلتى الابتسام كاشفة عن أجمل ابتسامة رأيتها فى حياتى ثم عادت الى النظر الى خارج القطار.
لم أعد أستطيع الجلوس فى مكانى فقمت الى خارج العربة و أشعلت سيجارة دخنتها فى توتر و أنا أتصبب عرقاً ..لم أعد أدرى ما العمل ...أرغب فى التحدث اليها و لكننى غير معتاد على محادثة الغرباء كما أننى أخشى أن أسبب لها أو لى احراجاً دون مبرر...لم أدرى ماذا أفعل فعدت مرة أخرى الى جلستى فى القطار ..أخرجت كتابى و أخرجت قلماً و فى الصفحات البيضاء أخذت أكتب عنها محاولاً وصفها أو رسمها بالكلمات ...كنت أختلس النظر اليها من حين لاخر و ساعدنى أنها قد أغلقت عينيها فأطلت النظر اليها مكتشفاً أن كل ما قلته عنها كان وهماًُ .
هذة واحدة لا يمكن أن تقول عنها جميلة أو جذابة ...تلك هى فتاة لو حاولت وصفها فـأنك تحط من شأنها , من غير المعقول أن هذة الفتاة تنتمى الى عالمنا و الى بلدنا, من المؤكد أن فى الأمر خدعة ما.
عذراً سأتوقف عن الحديث عن جمالها لأننى غير قادر على ايجاد كلمات مناسبة من المؤكد أن الكلمات التى ستوصف بها لم تكتشف بعد و سيأتى يوماً ما تخترع البشرية قاموساً جديداً قادراً على وصف تلك الزهرة البشرية.
نظرية النسبية تعمل بكفاءة عالية..ها هو القطار يصل الى محطة سيدى جابر بسرعة البرق ..أعتقد أن ما قضيته فى تأملها لا يتجاوز العشر دقائق و ليس ساعتين كما تقول الساعة الكاذبة.
استيقظت من نومها عند وصول القطار فأخذت شنطة يدها الكبيرة نوعاً ما و نزلت من القطار و أنا وراءها أراقبها من بعيد, فكرت فى أن أستمر فى مراقبتها و لكننى سرعان ما اكتشفت عدم جدوى ذلك و كذلك استحقرت التصرف للغاية.
خرجت من المحطة و جلست على الرصيف أدخن و ملامحها لا تزال منطبعة فى عيناى و خصوصاً ابتسامتها ..
حسناً يبدو أن هذة الاجازة ستكون مختلفة نوعاً ما ..لن أقضى يوماً مع الأهل و اخر مع الأصدقاء..بل سأقضى اليومين بحثاً عنها ..رغم انى لا أعلم ماذا بعد لو وجدتها و لكن ما أرغب فيه الان أن أراها مرة أخرى فقط و ليكن ما يكون
الساعة تقترب من الثامنة صباحاُ فأنا اعود من عملى مساء الخميس مرهق بشدة فأنام حتى فجر الجمعة و استعد للسفر مبكراً للحاق بيومى كاملاً فى الاسكندرية.
أجلس فى كافتيريا المحطة بانتظار قطار الثامنة و الربع ..أطلب قهوة عالريحة و أشعل سيجارة و ابدأ فى تصفح العدد الأسبوعى السمين من جريدة الأهرام.
لا أجد سوى اعلانات مكررة من الجمعة الماضية فأتصفح كتابى الذى أخترته للرحلة و يبدو مبشراً للغاية فيصير مزاجى رائقاً خصوصاً مع ازدياد النسمات الرقيقة القادمة من جهة الشمال مما يوحى بجو أكثر من بديع فى الاسكندرية.
أتجه نحو القطار و أبحث عن مقعدى حتى أجده فأجلس ناظراً الى الأشياء من خارج النافذة و أنتظر أن تبدأ فى التحرك للخلف بسرعة تتزايد مع مرور الوقت.
أحب السفر بالقطار و أفضله عن كل وسائل السفر الأخرى بما فيها الطائرة, القطار ممتع جداً و الذى يتأمل سفره بالقطار سيكتشف متعة لا نهاية لها فى تأمل الأشياء و الأشخاص.
عندها دخلت هى و جلست فى الكرسى المواجه لى مباشرة بملابسها الغريبة نوعاً ما و ان كانت محتشمة الى حد كبير ..نظرت اليها نظرة سريعة و اشحت بوجهى حتى لا أسبب لها احراجاً و لكن ملامحها انطبعت فى ذهنى فى ثانية ..شعرهاحالك السواد طويل ينسدل على كتفيها فيصل الى منتصف ظهرها .عيناها سوداوتان واسعتان وفوقهما حاجبان مستقيمان و شفتاها مكتنزتان..خداها منتفخان باحمرار جذاب ..تملك رقبة طويلة ..هى ليست بيضاء و ليست سمراء ..هى سمراء أقرب للبياض أو بيضاء أقرب للسمار لا أستطيع التحديد و لكن لون بشرتها أخاذ الى درجة لا توصف...انها كلها جذابة الى درجة لا تصدق ...ملابسها غريبة كما ذكرت ترتدى ثوباً طويلاً أٌقرب الى الفستان و لكنه ليس كذلك ..أبيض اللون مزركش من عند الكتفين و الصدر بألوان زاهية لامعة و من الكتف للخصر يقطع ثيابها شريط من القماش الأحمر يصل حتى ظهرها..ترتدى فى قدميها خفاً أحمر ذو كعب ليس بعال..شكلها مع ملابسها يبدو كلوحة فنية .. تجلس فى شرود تنظر الى خارج القطار الذى بدأ بالفعل فى التحرك مخلفاً وراءه محطة ثابتة فى مكانها منذ عقود.
أردت أن أنظر اليها مرة أخرى و لكننى خشيت من أن أسبب لها احراجاً فأخرجت كتابى و بدأت بالقراءة فى مقدمته ..
أكتشفت أنه من المستحيل التركيز فى القراءة أو فى اى شىء اخر الا هى فألقيت الكتاب و خطفت نظرة سريعة اليها مرة أخرى.
أين رأيت هذة الفتاة من قبل..من المؤكد أننا عشنا حياة سابقة معاً فى بلاد بعيدة كانت هى فيها زوجتى أو أختلى و ربما أمى او ابنتى فأنا أشعر تجاه وجهها بألفة غير مسبوقة ...دون قصد أطلت النظر اليها فانتبهت الى نظراتى الفضولية..وجدت نفسى مرتبكاً فرسمت ابتسامة خفيفة لعلها تخفف من توترى فبادلتى الابتسام كاشفة عن أجمل ابتسامة رأيتها فى حياتى ثم عادت الى النظر الى خارج القطار.
لم أعد أستطيع الجلوس فى مكانى فقمت الى خارج العربة و أشعلت سيجارة دخنتها فى توتر و أنا أتصبب عرقاً ..لم أعد أدرى ما العمل ...أرغب فى التحدث اليها و لكننى غير معتاد على محادثة الغرباء كما أننى أخشى أن أسبب لها أو لى احراجاً دون مبرر...لم أدرى ماذا أفعل فعدت مرة أخرى الى جلستى فى القطار ..أخرجت كتابى و أخرجت قلماً و فى الصفحات البيضاء أخذت أكتب عنها محاولاً وصفها أو رسمها بالكلمات ...كنت أختلس النظر اليها من حين لاخر و ساعدنى أنها قد أغلقت عينيها فأطلت النظر اليها مكتشفاً أن كل ما قلته عنها كان وهماًُ .
هذة واحدة لا يمكن أن تقول عنها جميلة أو جذابة ...تلك هى فتاة لو حاولت وصفها فـأنك تحط من شأنها , من غير المعقول أن هذة الفتاة تنتمى الى عالمنا و الى بلدنا, من المؤكد أن فى الأمر خدعة ما.
عذراً سأتوقف عن الحديث عن جمالها لأننى غير قادر على ايجاد كلمات مناسبة من المؤكد أن الكلمات التى ستوصف بها لم تكتشف بعد و سيأتى يوماً ما تخترع البشرية قاموساً جديداً قادراً على وصف تلك الزهرة البشرية.
نظرية النسبية تعمل بكفاءة عالية..ها هو القطار يصل الى محطة سيدى جابر بسرعة البرق ..أعتقد أن ما قضيته فى تأملها لا يتجاوز العشر دقائق و ليس ساعتين كما تقول الساعة الكاذبة.
استيقظت من نومها عند وصول القطار فأخذت شنطة يدها الكبيرة نوعاً ما و نزلت من القطار و أنا وراءها أراقبها من بعيد, فكرت فى أن أستمر فى مراقبتها و لكننى سرعان ما اكتشفت عدم جدوى ذلك و كذلك استحقرت التصرف للغاية.
خرجت من المحطة و جلست على الرصيف أدخن و ملامحها لا تزال منطبعة فى عيناى و خصوصاً ابتسامتها ..
حسناً يبدو أن هذة الاجازة ستكون مختلفة نوعاً ما ..لن أقضى يوماً مع الأهل و اخر مع الأصدقاء..بل سأقضى اليومين بحثاً عنها ..رغم انى لا أعلم ماذا بعد لو وجدتها و لكن ما أرغب فيه الان أن أراها مرة أخرى فقط و ليكن ما يكون
No comments:
Post a Comment